مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيّز التنفيذ، عبّر عدد من الاقتصاديين والمحللين الماليين عن تفاؤلهم بقدرة المالية الفلسطينية على استعادة مسارها الاقتصادي تدريجيًا، شرط الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي في المرحلة المقبلة.
ويرى خبراء الاقتصاد أن انتهاء الحرب في غزة يفتح الباب أمام إعادة توجيه الجهود نحو التعافي الاقتصادي في الضفة الغربية بعد عامين من الانكماش الحاد.
وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، انكمش اقتصاد الضفة بنسبة 19% خلال عام 2024، فيما تجاوزت معدلات البطالة 35%، مع ارتفاعها في بعض المناطق الشمالية إلى أكثر من 60%.
وكانت وزارة العمل الفلسطينية قد أطلقت حملة وطنية بعنوان "التشغيل الطارئ للتعافي المبكر"، بالتعاون مع الصندوق الفلسطيني للتشغيل ومنظمة العمل الدولية، بهدف توفير فرص عمل مؤقتة وتدريب مهني للخريجين والعمال المتضررين من الحرب.
و تندرج هذه المبادرة ضمن خطة حكومية طارئة لعام 2025، تسعى إلى احتواء تداعيات الحرب وتخفيف العبء المعيشي عن الأسر الفقيرة، مع دعم مشاريع إنتاجية كثيفة العمالة.
ويعتقد محللون أن إعادة الاستقرار إلى مدن الضفة ووقف العمليات المسلحة العشوائية التي تنتهي بتصعيد اسرائيلي ، يمثلان خطوة أولى نحو إنعاش الاقتصاد المحلي وإعادة تدفق العمالة الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلي، التي كانت تشكّل شريانًا حيويًا لمداخيل عشرات الآلاف من الأسر.
ويرون أن ضبط الأوضاع الميدانية وتجنّب الاحتكاكات بين الفصائل والجيش الإسرائيلي من شأنه أن يهيئ المناخ المناسب لإعادة فتح المعابر أمام العمال والتجارة، بما يخفّض معدلات البطالة ويعيد النشاط إلى الأسواق.
ويشير مراقبون إلى أن استئناف حركة العمال الفلسطينيين إلى داخل إسرائيل سيكون له تأثير مباشر في تعزيز السيولة النقدية وتحريك السوق المحلي، خاصة في مدن الخليل ونابلس وطولكرم التي تعتمد بدرجة كبيرة على دخل العمال.
ورغم موجة التفاؤل التي تسود الأوساط الاقتصادية مع انتهاء الحرب في غزة ، يحذّر المحللون من أن التحديات ما زالت كبيرة، خصوصًا في ظل الدمار الواسع للبنية التحتية في غزة ومخيمات الضفة، واستمرار القيود الإسرائيلية على التحويلات المالية والتجارة.
ويرى بعضهم أن نجاح مرحلة التعافي يتطلب تنسيقًا إقليميًا ودوليًا، يشمل إعادة تفعيل المعابر وتخفيف القيود المالية وتقديم دعم مباشر للمشاريع الإنتاجية في الضفة وغزة.
ويشدد الاقتصاديون على أن ما بعد الحرب يجب أن يكون مرحلة انتقال من الصمود إلى البناء، وأن إعادة تأهيل الاقتصاد الفلسطيني لا يمكن أن تتم دون بيئة سياسية مستقرة وأمنية هادئة تخلق فرص عمل، وتعيد الثقة في مؤسسات الدولة، وتمنح الفلسطينيين القدرة على التخطيط لمستقبل يتجاوز دوامة الأزمات المتكررة.